محافظة الرقة هي محافظة في شمال وسط سوريا، تقع على الضفة الشمالية لنهر الفرات، على بعد 200 كم شرق مدينة حلب. منذ أواسط السبعينيات يعتمد اقتصاد الرقة على سد الفرات وعلى الزراعة وعلى الحقول النفطية المجاورة. في الرقة متحف تاريخي صغير يسمى متحف الرقة، وقد كشفت الحفريات فيها عن آثار تعود إلى العصر العباسي (750 هـ - 1258). من أهم الآثار الباقية في المدينة قصر العذارى أو قصر البنات، والجامع الكبير الذي بني في القرن الثامن الميلادي. تحتوي المدينة القديمة أيضاً على أضرحة عدد من رجال الدين المسلمين، منهم الصحابي عمار بن ياسر وأويس القرني، عدد سكان المحافظة حوالي مليون نسمة. أنشئت الرقة عام 244 أو 242 قبل الميلاد وسميت في البداية كالينيكوس، نسبة إلى سلوقس الأول، مؤسس المدينة، الذي كان يعرف أيضاً بهذا الاسم (ويقول البعض أن الاسم يعود إلى الفيلسوف اليوناني كالينيكوس الذي يعتقد أنّه توفي في الرقة). في العصر البيزنطي، كانت المدينة مركزاً اقتصادياً وعسكرياً. في 639 فتحتها الجيوش العربية الإسلامية وتحولت تسميتها إلى الرقة وتعني في اللغة الصخرة المسطّحة. في عام 772 بدأ الخليفة العباسي المنصور ببناء عاصمة صيفية للدولة العباسية بالقرب من الرقة، سميت الرافقة. بنيت المدينة الجديدة بشكل حدوة فرس على الطراز المعماري لبغداد، وسرعان ما اندمجت مع الرقة. بين عامي 796 و808 استعمل الخليفة العباسي هارون الرشيد الرقة عاصمة له أيضاً، وأصبحت المدينة مركزاً علمياً وثقافياً هاماً. في الرقة عاش وتعلم الفلكي العربي الشهير البتاني (858-929). في عام 1258 دمر المغول الرقة كما فعلوا ببغداد. يتحدث معظم سكان محافظة الرقة اللهجة الرقاوية وهي لهجة عربية بدوية، تأثرت بمعظم اللهجات المجاورة كاللهجة الحلبية والشامية والعراقية وغيرها، وتتميز هذه اللهجة بخصوصيتها ومفرداتها. مدينة جديدة أنشئت بعد بناء سد الفرات وتقع على الضفة اليمنى لنهر الفرات مجاورة للسد المسمى باسمها على النهر المذكور، تبعد 55 كم عن مدينة الرقة باتجاه الغرب وعن مدينة حلب 150كم باتجاه الشرق. ارتبطت تسميتها بثورة الثامن من آذار، وهي تقوم مقام قرية بسيطة تدعى الطبقة، وتقع في المكان المشرف على بناء السد ومحطة التوليد وبحيرة الأسد وقلعة جعبر، وتضم القواعد والمنشآت الإنتاجية اللازمة لاستثمار السد ومشاريع استصلاح الأراضي، ويبلغ عدد سكانها حوالي 84.000 نسمة. وتمتاز بموقعها السياحي الجميل وشوارعها المنتظمة وحدائقها الملتفة وبالمساحات الخضراء التي تغطي امتدادها، وقسمت إلى ثلاثة أحياء أساسية يحتوي كل حي على المرافق الاجتماعية اللازمة والمدارس والمستوصفات والأسواق التجارية والنوادي الصيفية والشتوية وقصر الثقافة وما يضمه من مسرح وقاعات ومكتبة، إنها المدينة الوحيدة في القطر التي تعود ملكيتها للدولة. مناطق الرقة
• المنطقة الوسطى
• المنطقة الشرقية
• المنطقة الغربية
• المنطقة الشمالية
• المنطقة الجنوبية
• الحمرات
يوجد في محافظة الرقة العديد من الآثار الهامة ومنها :
باب بغداد
هو من أهم الآثار التي ما زالت قائمة في سورية، ويقع في الزاوية الجنوبية الشرقية على السور الخارجي وعرض الواجهة 7.57م بارتفاع 5.20م محاذياً لبرج متصل بالسور، وفتحة الباب بارتفاع 2.5م يعلوها قنطرة ذات قوس مكسور. وعلى جانبي الباب حنيتان زخرفيتان ويعلو هذه الواجهة، أفريز عريض مؤلف من صفين من الحنيات السفلى تتلوها أقواس نصف دائرية والحنيات السفلى تعلوها أقواس مفصصة ثلاثية، ويحيط الأفريز إطار بارز. وينفتح الباب من الداخل إلى دركاه ضمن صيوان بعمق متر كانت تعلوه قبة.
ثمة بناء هام يطلق عليه اسم قصر البنات، قائم في الجهة الشرقية الجنوبية من الرافقة وضمن أسوارها، لم يبق منه إلا الأطلال الضخمة، يعود إلى القرن الثاني عشر كما يرى هرزفيلد الذي زار القصر عام 1907م وأعد له مخططاً، ويبدو أن الأطلال في ذلك الوقت كانت أكثر ارتفاعاً بما يقرب من عشرة أمتار. لقد ابتدئ بأعمال التنقيب والترميم في هذا القصر ضمن نطاق المشروع الاستثنائي في الرقة. ومنذ عام 1976 تأكد من خلال دراسة الخزف الذي عثر عليه أنه يعود إلى القرنين الثاني عشر والثالث عشر أي إلى العصر الأيوبي، وهذا يؤكد ما جاء على لسان المؤرخين أن هذا القصر لم يسكن بعد العصر الأيوبي، ومن المؤكد أنه هجر بعد حريق هائل شب فيه. يتألف هذا القصر من باحة مركزية تطل عليها أواوين أربعة ويفتح في الجنوب مدخل رئيسي يقابله في أقصى الشمال صالة خلفها حجرة وإلى جانبيها حجرتان، وتطل الصالة على باحة ورواقين، ويمتد القصر شرقاً وغرباً تحت الشوارع القائمة ولم تكتمل عمليات الكشف لهذا السبب. لقد أصبح القصر واضح المعالم بعد أن أعيدت الجدران والفتحات والأروقة إلى وضعها الأصلي.
أسوار الرافقة
شيدت أسوار الرافقة بالآجر بشكل مضاعف فهي مؤلفة من السور الداخلي وحوله السور الخارجي وبينهما الفصيل، ويحيط بالسور الخارجي الخندق عند الضلع الجنوبي الذي كان محاذياً للنهر. يبلغ طول السور 5كم ويحصر مساحة من الأرض تقارب 1,5مليون م2 وهو مدعم بالأبراج على امتداده، ويبلغ محيط كل برج 15- 16م. ولقد أعيد إنشاء باقي الأبراج في عام 1975من قبل مديرية الآثار وبخاصة التي تدعم السور الشرقي والسور الجنوبي وكان سمك السور الداخلي 5,8م. وكان للأسوار بابان عظيمان باب في الزاوية الجنوبية الغربية باب الجنان وباب في الزاوية الجنوبية الشرقية ما زال ماثلاً يسمى باب بغداد والباب الجنوبي والباب الغربي. ؤلؤة بادية الشام، في هذا الزمن الذي تضيع فيه الكلمات والمعاني, تذكّرنا الكاتبة بأسماء عزيزة راسخة في قلوبنا منتزعة من صميم تراثنا.
تقع الرصافة على بعد ثلاثين كيلومتراً من مدينة الرقة في شمال سورية على الفرات, وقد كان لها تاريخ عريق عبر العصور, فسُمّيت بعهد الآشوريين في القرن التاسع قبل الميلاد: (RASAPPA), ثم تنازع عليها اليونان والفرس, وأضحت لها قلاع منيعة تحميها من غزوات الساسانيين قبل أن تصبح من المدن التابعة لمملكة (تدمر), التي امتدّت من غرب ليبيا إلى الخليج شرقًا. إن الفضل في تعريفنا بتأريخ (الرصافة) يعود إلى كتاب قيّم نشرته المديرية العامة للآثار والمتاحف بدمشق عام 1984م, أعدّه مديرها الأستاذ: بشير زهدي, عنوانه: (الرصافة لؤلؤة بادية الشام), وبما أنها تبعد فقط خمسة وسبعين كيلومترًا عن (قصر الحير الشرقي) احتلها العرب الغساسنة لأهمية موقعها, وسوّروها معتبرين أنفسهم ورثة للأنباط, ثم تحالفوا مع البيزنطيين لحمايتها من غزوات الساسانيين. وقد جاء في كتاب الأستاذ بشير زهدي ما يلي: (...وإذا كان يُنسب إلى (الحارث الثاني) الفضل بترميم الأسوار, وتشييد كاتدرائية كبيرة في الرصافة في العصر البيزنطي, فإنه يُنسب إلى ابنه (المنذر بن الحارث الثاني) الفضل بتشييد خزانات المياه فيها, وببناء قصر كبير له, ودار للضيافة خارج سورها الشمالي, تثير ضخامتها شعور الاحترام لهيبته لدى رجال القبائل, والجدير بالذكر أن جهودًا مخلصة تُبذل حاليًا في سبيل ترميم هذا القصر الغساني, ليكون مبناه متحفًا إقليميًا جديدًا يسهم في حفظ هذه المنطقة المهمة, والتعريف بفنونها وتاريخها وآثارها المختلفة).
رصافة هشام في عهد الأمويين, أضحت الرصافة منتجعًا صيفيًا انتقل إليه الأمير (هشام بن عبد الملك من قصر الحير), وأسهم في عمرانها وازدهارها بتشييد قصرين اكتُشف أحدهما في إثر التنقيب عن آثارها, فعُرفت آنذاك باسم: (رصافة هشام), وبعدما انتصر العباسيون على الأمويين, نجا الأمير عبد الرحمن بن معاوية من الموت, لأنه اختبأ عند جماعة من الأعراب على ضفة نهر الفرات بشمال سورية, ثم انتقل سرّا للأندلس وهو في التاسعة عشرة من العمر, حيث أسس دولة جديدة للأمويين فيها. بعد نهاية حكم الأمويين في سورية, تابعت (الرصافة) ازدهارها حتى بداية القرن العاشر الميلادي.واشتُهرت بتعايش المسيحيين والمسلمين بدليل اكتشاف أنقاض كنائس فيها, ومسجد له محرابان باتجاه الجنوب وشارع مستطيل محاط بأعمدة, وقد هُدمت إبان غزوات التتار كليًا. ولكي نعلم كيف تمّ هذا الاكتشاف, نعود إلى كتاب الأستاذ (بشير زهدي), ونطّلع منه على اهتمام فريق من علماء الآثار الألمان أمثال: (شنايدر), و(سبانير) و(موسيل), الذين شرعوا عام 1952م, بتنقيب عن تلك الآثار, استمر سبع سنوات, فعثروا على جزء من القصرين الأمويين, وبرج قائم على قاعدة مربعة الشكل بزاوية مبنى مصنوع من الآجر, ثم اكتشفوا برجين آخرين مستديرين أصغر حجمًا مما دفع بفريق آخر من علماء الآثار للعودة إلى الرصافة عام 1968, ومتابعة أعمال التنقيب بمساعدة المديرية العامة للآثار والمتاحف السورية, فتمّ اكتشاف أجمل أبواب المدينة تحت الركام, حيث ظهرت في جهتها الشمالية رسوم وزخارف ملوّنة.
كان الباب يؤدّي إلى شارع مستقيم يؤدي إلى وسط المدينة. لقد جرت تلك الحفريات تحت الرمال على عمق خمسة أمتار, وتم العثور على مباخر وأكواب فضية ومذهّبة منقوشة باللغة السريانية ولوحات رخامية وقطع نقود محفور عليها اسم الرصافة يوجد بعضها اليوم في متحف دمشق, ونُقل بعضها الآخر إلى متاحف الغرب. ورصافة الأندلس لقد ذكّرني الحديث عن رصافة بادية الشام برصافة الأندلس التي بناها بضاحية قرطبة الأمير هشام بن عبد الرحمن الداخل وجعلها مقرًا صيفيًا له لارتفاعها عن قرطبة, وإطلالتها على نهر الوادي الكبير, الذي يجتازها في القرن الثامن الميلادي, تخليدًا لذكرى جده (هشام بن عبد الملك) باني (رصافة) سورية, ولم يبق لها أثر في القرن العشرين, فبنت الحكومة الإسبانية في موضعها فندقًا سياحيًا كبيرًا, أطلقت عليه اسم: (الرصافة). والرصافتان إذن, السورية والأندلسية لعبتا دورًا مهمًا في التاريخ, علمًا بأن رصافة الشام انبعثت أنقاضها من جديد, وأضحت تحدّثنا عن ماضيها المجيد بلغة آثارها المكتشفة, كما أن العمل على تحقيق متحفٍ إقليمي ضمن مبنى (المنذر الغساني) الذي تمّ اكتشافه فيها سوف يُسهم في تعريف المواطنين, والسياح الراغبين في الاستماع إلى أطلالها تروي لهم قصة مجدها.