إلى الأب الحنون و المعلم العظيم ...
تحيّة معطرة بالشوق إليك و الحنين لرؤيتك ....
لا أعلم من أين أبدأ, و لا أدري ماذا أقول, إذ إن حزني الكبير جعلني أرى كلّ الكلمات صغيرة, و كلّ المعاجم فقيرة, و كلّ ألفاظ لغتنا العربية واللغات الأخرى ضعيفة- مكتوفة الأيدي-عاجزةَََ عن تعبير جزءٍ ضئيلٍ من ألمي العظيم لفقدانك, و جرحي العميق لفراقك .
كيف هذا ؟!
كيف يحدث أمر مثل هذا ؟!
كيف يختطفك الموت من بيننا, و أنت الوهج المنير طريقنا , و الشمعة المضيئة دروبنا ؟!
كيف سنذهب إلى المدرسة, و لا نلقى من بقاياك سوى ورقة بيضاء مغبرة ببضع كلمات تحمل بين حروفها نبأ قاسياً جداً, نبأ قاتلاً , نبأ موتك ؟!
كيف تطأ أقدامنا صفاً لا تنتشر فيه عبيرك و أنفاسك ؟
كم هي جافة المدرسة من دون مزاحك !
كم هو صعب المنهاج من غير شرحك !
آه ...
ما أكبر خسارتنا ! فقدنا الجوهرة الثمينة التي زينت حياتنا طوال تلك السنوات, فبماذا نتزين الآن, و نحن مفجوعون لا نملك سوى الدموع نزرفها غزيرة لعلها تخفف حزننا, و الكلمات تقولها في رثائك لعلها تعزينا,
و لكن ما نفع ذلك فكلّ دموع العلم و كلّ كلمات الدنيا لا تقوى أن تعيدك ألينا و لو للحطة واحدة كي نودّعك بها يا حبيبنا. بل إن عزاءنا الوحيد هو ثقتنا الكبيرة بأنك الآن مرتاح من كلّ تلك الآلام التي فتكت بك لسنوات و مستمتع و متنعّم بالجلوس
نحن جميعاً حزانى, نحن جميعاً مجروحون, و لا ندري من جرحه أكبر, فبموتك ازداد عدد اليتامى أضعافاً مضاعفة
نعم, صحيح أن الله لم يرزقك ولداً يحمل اسمك, لكنه وهبك ملايين من الطلاب يحملون حبك في قلوبهم, و يقسمون أنك كنت خير المعلم و الأب لهم .
و يعاهدونك أنهم لن يسكتوا عمّا حلّ بك و لن يجعلوا الآلام الكبيرة التي ذقتها يا شهيدنا تزداد بل سيحاربون ذلك المرض المتوحش و سيضاعفون جهودهم و دراستهم آملين أن ينفعهم العلم في صنع الترياق الشافي الذي يبيد ذلك المرض العضال و يقضي عليه .أما أنت فعليك أن تنام مرتاحاً, و أنت على يقين أن أبناءك-الذين حفروا اسمك في قلوبهم- سيخلّدوا ذكراك مدى الحياة .
يتيمة مفجوعة بنبأ رقادك